2012/09/14

قـيْد

ما لِهذا القيد مستحكم .. بغباء !؟
هل عزّ عليه انسيابي في الفضاء !؟
أم تُراه .. يجهل عشقي لِخوض الأجواء !؟
أيا قيدُ .. دعكَ منّي فإني ماضٍ لا هُراء
ماضٍ شئتَ أم أبيتَ لأرضٍ غرّاء
و ما بي وجلٌ لو أحَلقُ بقدمٍ بتراء !


توم و جيري !



.. و لعل أهم آليات هذه العلمنة البنيوية الكامنة الشاملة الكاسحة هو قطاع اللذة ككل ، و خصوصا الأفلام الأمريكية و البرامج التلفزيونية التي تصل إلى السواد الأعظم من البشر ، و تقوم بإعادة صياغة رؤيتهم لأنفسهم (عادة في إطار دارويني أو فرويدي أو 
برجماتي) بشكل بنيوي كامن غير واع ، و لكنه شامل . و لنضرب مثلا بالكرتون المسمى ((توم و جيري)) الذي يصوغ وجدان أطفالنا كل صباح ، حيث يقوم الفأر اللذيذ الماكر باستخدام كل الحيل (التي لا يمكن الحكم عليها أخلاقيا ، فهي لذيذة و ذكية و ناجحة) للقضاء على خصمه القط الغبي ثقيل الظل ، و لنلاحظ أن القيم المستخدمة هنا قيم نسبية نفسية وظيفية برجماتية، لا علاقة لها بالخير أو الشر ، قيم تشير إلى نفسها و حسب ، و لا تفرق بين الظاهر و الباطن . كما أن الصراع بين الإثنين لا ينتهي ، يبدأ ببداية الفيلم و لا ينتهي بنهايته ، فالعالم ، حسب رؤية هذا الكرتون الكامنة ، إن هو إلا غابة داروينية مليئة بالذئاب التي تلبس ثياب القط و الفأر : توم و جيري .

(العلمانية تحت المجهر ـ عبد الوهاب المسيري)

التصوير الفني في القرآن


لفتة جميلة من روائع الإبداع الفني في القرآن .. سبقت أساليب الإخراج و التنسيق في المسارح الحديثة بقرون .. حيث تجمع الكاميرا بين مقطعين على ما بينهما من آماد في الزمان و المكان .. فإذا هما سلسلة متصلة الحلقات .. تُطوى فيها المسافات .. و يكمن الإعجاز هنا في أن عِدّة القرآن فيها مجرد الكلمات !

ينقل المشهد حواراً حيّا بين إخوة يوسف .. و ها هو كبيرهم يخطب فيهم يذكِّرهم بموثق أبيهم و ما فرّطوا من قبل في يوسف .. ثم يأمرهم بالرجوع إلى أبيهم لينبئوه بما كان من ابنه و يستشهدوا عليه بالقرية التي كانوا فيها و العير التي أقبلوا فيها .. ثم يُسدل السِّتار على حوار الإخوة .. ليُفتح فنجدهم في حضرة أبيهم و قد عملوا بوصية أخيهم بالفعل فلا حاجة للتكرار .. قال : بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل .. هكذا ينتقل الحوار إلى الأب بدون مقدمات ليدمج خطاب الأخ الأكبر بخطاب الأب دون فواصل على ما بينهما من آماد !

{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً .. قَالَ كَبِيرُهُمْ : أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ .. ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ .. وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ .. قَالَ : بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }
(يوسف 80 : 83)

2012/09/03

(الإسلام و مشكلات الحضارة)


إن محاولة وضع أحكام تشريعية فقهية إسلامية لمواجهة أقضية المجتمع الذي تعيش فيه البشرية ، و الذي ليس إسلاميا ، لأنه لا يعترف بأن الإسلام منهجه ، و لا يسلم للإسلام أن يكون شريعته .

إن محاولة وضع أحكام تشريعية لأقضية مثل هذا المجتمع ، ليست من الجد في شيء . و ليست من روح الإسلام الجادة في شيء . و ليست من منهج الإسلام الواقعي في شيء .

إن الفقه الإسلامي لا يستطيع أن ينمو و يتطور و يواجه مشكلات الحياة إلا في مجتمع إسلامي ! مجتمع إسلامي واقعي ، موجود فعلا ، يواجه مشكلات الحياة التي أمامه و يتعامل معها ، و هو مستسلم ابتداء للإسلام !

إنه عبث مضحك أن نحاول مثلا إيجاد أحكام فقهية إسلامية للأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية في أمريكا أو روسيا ، كلتاهما لا تعترف ابتداء بحاكمية الإسلام !