2012/09/14

التصوير الفني في القرآن


لفتة جميلة من روائع الإبداع الفني في القرآن .. سبقت أساليب الإخراج و التنسيق في المسارح الحديثة بقرون .. حيث تجمع الكاميرا بين مقطعين على ما بينهما من آماد في الزمان و المكان .. فإذا هما سلسلة متصلة الحلقات .. تُطوى فيها المسافات .. و يكمن الإعجاز هنا في أن عِدّة القرآن فيها مجرد الكلمات !

ينقل المشهد حواراً حيّا بين إخوة يوسف .. و ها هو كبيرهم يخطب فيهم يذكِّرهم بموثق أبيهم و ما فرّطوا من قبل في يوسف .. ثم يأمرهم بالرجوع إلى أبيهم لينبئوه بما كان من ابنه و يستشهدوا عليه بالقرية التي كانوا فيها و العير التي أقبلوا فيها .. ثم يُسدل السِّتار على حوار الإخوة .. ليُفتح فنجدهم في حضرة أبيهم و قد عملوا بوصية أخيهم بالفعل فلا حاجة للتكرار .. قال : بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل .. هكذا ينتقل الحوار إلى الأب بدون مقدمات ليدمج خطاب الأخ الأكبر بخطاب الأب دون فواصل على ما بينهما من آماد !

{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً .. قَالَ كَبِيرُهُمْ : أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ .. ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ .. وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ .. قَالَ : بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }
(يوسف 80 : 83)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق