.. و لعل أهم آليات هذه العلمنة البنيوية الكامنة الشاملة الكاسحة هو قطاع اللذة ككل ، و خصوصا الأفلام الأمريكية و البرامج التلفزيونية التي تصل إلى السواد الأعظم من البشر ، و تقوم بإعادة صياغة رؤيتهم لأنفسهم (عادة في إطار دارويني أو فرويدي أو
برجماتي) بشكل بنيوي كامن غير واع ، و لكنه شامل . و لنضرب مثلا بالكرتون المسمى ((توم و جيري)) الذي يصوغ وجدان أطفالنا كل صباح ، حيث يقوم الفأر اللذيذ الماكر باستخدام كل الحيل (التي لا يمكن الحكم عليها أخلاقيا ، فهي لذيذة و ذكية و ناجحة) للقضاء على خصمه القط الغبي ثقيل الظل ، و لنلاحظ أن القيم المستخدمة هنا قيم نسبية نفسية وظيفية برجماتية، لا علاقة لها بالخير أو الشر ، قيم تشير إلى نفسها و حسب ، و لا تفرق بين الظاهر و الباطن . كما أن الصراع بين الإثنين لا ينتهي ، يبدأ ببداية الفيلم و لا ينتهي بنهايته ، فالعالم ، حسب رؤية هذا الكرتون الكامنة ، إن هو إلا غابة داروينية مليئة بالذئاب التي تلبس ثياب القط و الفأر : توم و جيري .
(العلمانية تحت المجهر ـ عبد الوهاب المسيري)
(العلمانية تحت المجهر ـ عبد الوهاب المسيري)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق